توقفت كثيرا عند الخبر المنشور في صحفنا المحلية يوم الخميس الماضي، الذي نص على أن "وزير التربية والتعليم الأمير خالد الفيصل، طلب تغيير مسار زيارته المجدولة يوم الأربعاء لعدد من مدارس جنوب الرياض ليزور مدارس خارج القائمة المعدة سلفا لزيارته، ليتلمس احتياجاتها، وليحرص خلال جولته وفي جانب لافت على ملاحظة مهارات القراءة لدى الصفوف الدنيا، ودخل بعض الفصول الدراسية ليستمع لبعض شروحات المعلمين، وليقف على مستوى مهارات الطلاب في القراءة، خصوصاً طلاب الصفوف الدنيا، كما حفلت الزيارة بنقاشات بين الأمير ومنسوبي المدارس التي زارها، واستمع فيها لكل ملاحظات القياديين التربويين، واستقبل الطلاب وأبدى لهم سعادته بالزيارة".
توقفت كثيرا عند هذا الخبر وحتما لم يكن توقفي اندهاشا من مبادرة الأمير، فمن عمل مع الأمير ومن يعرف الأمير ومن يتابع أخبار الأمير يدرك أن هذا جانب متأصل في منهج عمله الإداري، ويدرك تماما أن هدف تلك الزيارات هو التصحيح والتطوير والتحفيز والمساءلة، وتلك مسائل لا يمكن اتخاذ قرارات فاعلة ومؤثرة تجاهها دون وقوف فعلي على حالها، والتحدث مع المعنيين بها ورؤية ما لا يمكن أن تكشفه أوراق التقارير، وخطابات الاحتفالات والمناسبات الرسمية.
في إحدى القطاعات التي عملت بها تفاجأت ذات يوم - وأنا أنتظر المصعد في الدور الثاني في المبنى الذي أعمل به لأعود لمكتبي في الدور الثالث - أن الأمير خالد الفيصل كان أمامي وجها لوجه عندما فتح باب المصعد ورافقته لأعلم أنه متجه معي للدور الثالث في زيارة لنا دون تنسيق أو إعداد مسبق، وبالطبع حدثت ربكة في مكاتبنا حيث شاهد الأمير من كانوا يدخنون في أماكن ممنوع فيها التدخين، إلى درجة أن أحدهم أراد أن يسلم على الأمير دون أن تكون السيجارة في يده ولم يتمكن من إيجاد مكان يضع فيها سيجارته فطفايات السجائر غير موجودة بمكتبه ولم يكن ليجرؤ على إطفائها على الأرض فوضعها على طرف الطاولة، كما سجل الأمير بعض ملاحظاته على المكاتب، واستفسر عن بعض الزملاء غير الموجودين في مكاتبهم، ثم أتيحت لبعض العاملين مناقشة الأمير في أمور العمل، حيث تذمروا من تأخر تحقيق بعض مطالبهم.
أقول إن توقفي عند الخبر، لم يكن اندهاشا بل رحت بخيالي قليلا لأقول بعدها في نفسي ماذا لو أن كل المسؤولين بادروا إلى عدم حضور المناسبات الرسمية المصاحبة لافتتاح المشاريع، وعزفوا عن الزيارات المعدة لهم سلفا، وأنابوا نوابهم وغيرهم للقيام بتلك المهام التي أحيانا لا بد منها، وتفرغوا هم لزيارة المسكوت عنه، والمخفي عنهم بمعنى أن يزوروا الطرق والشوارع المميتة وما أكثرها، والمستشفيات القديمة جدا، والمباني الحكومية المتآكلة ومواقع العمل التي يشكو المواطنون من تخلفها، وتخلف آليات العمل فيها، وكل المواقع التي فيها عدم احترام لحقوق المواطن وآدميته، وكل الأماكن التي يستجدي فيها المواطن للحصول على حق كفلته له الدولة، ألا تعتقدون أن زيارة المسؤول حينها ستكون مطلبا شعبيا بدلا من وضعها الحالي المصنف على أنه مطلب إعلامي يحقق "دخلا إعلانيا فقط"!!



طارق إبراهيم 2014-02-22 11:45 pm
صحيفة الوطن